بسم الله الرحمن الرحيم
موقع الفكر :حبذا لو عرفتم المشاهد بشخصكم الكريم من حيث الاسم وتاريخ ومحل الميلاد وأهم الشهادات التي حصلتم عليها و الوظائف التي تقلدتم؟
العمة الحسن مولاي: الاسم العمة الحسن مولاي أعلي: ولدت في نواكشوط عام 1977م. وتخصصي دراسات السلك الثالث في الكيمياء، ومجال العمل الرسمي أستاذة تعليم عالي أدرس بالمعهد العالي للتعليم التكنولوجي بروصو وبالتزامن مع التخصص الدراسي حصلت على شهادة خبرة استشارية مدققة ومكونة في مجال الجودة من الجمعية الفرنسية لمواصفات الجودة.
موقع الفكر: طالبتم في منتدى المستهلك الموريتاني بإنشاء هيئة عليا لسلامة الغذاء والدواء في موريتانيا ما مسوغات هذا الطلب؟
العمة الحسن مولاي: سبب الطلب هو الحاجة الملحة إلى ذلك.
للأسف الشديد المستهلك الموريتاني نسبة كبيرة من الأغذية التي يتناولها مستوردة من الخارج و ليست هناك إحصائيات رسمية يمكن أن يستأنس بها إلا أنه يمكن القول إن نسبتها تصل إلى 90% والبقية مصنعة محليا.
والغذاء والدواء علاقتهما علاقة مباشرة بالصحة، والمستهلك الموريتاني من أبسط حقوقه إحساسه بوجود من يهتم بغذائه ودوائه، والهيئات الرسمية الموريتانية العاملة في مجال الغذاء والدواء من الإجحاف والظلم بمكان نفي وجودها ،ولكن للأسف هذه الهيئات تشوبها بعض المشاكل التي تمنعها من أداء دورها ،ومن أول هذه المشاكل تداخل الإطار القانوني في أماكن تدخل هذه الهيئات، سواء كانت مصالح أو مختبرات، والمشكلة الثانية غياب التكوين المهني اللازم للعاملين في هذه الهيئات، والمشكلة الثالثة هي تفرق الجهود وعدم انسيابية وتناغم العمل المقام به نظرا لغياب إطار حقيقي جامع من شأنه ترتيب الأولويات في مسألة سلامة الغذاء والدواء ويضع الآليات والاستراتيجيات اللازمة وقد قام منتدى المستهلك في هذا الصدد بتوجيه عدة رسائل. للمصالح الرسمية وغير الرسمية من القطاع العام أو القطاع الخاص التي لها علاقة من قريب أو بعيد بسلامة الدواء والغذاء.
وبدأت هذه التحركات تحديدا من اليوم الرابع من الشهر الرابع 2021م. وهي كما قلت لكم سابقا هي إعادة مطالبة وليست مجرد مطالبة ومن أجل ذلك فإن منتدى المستهلك الموريتاني بدأ هذه التحركات لنفض الغبار عن مسألة حماية المستهلك، وحقه في أن يتناول غذاءً سليما ودواءً سليما غير مزور، يفي بالحاجة وللأسف كما قلت لكم فإن هذه الرسائل تزيد على أربعين رسالة وجهت إلى الهيئات المختلفة من مصالح رسمية وغير رسمية ، والتجاوب مع ذلك التحرك ظل خجولا وأصبحنا نكتفي من التجاوب الإيجابي أن يحدد لنا موعد من أجل إشراك الهيئة المعنية بهذه المسألة، والتشاور حول الآليات والإجراءات اللازمة في إطار السعي لتشكيل هيئة عليا لسلامة الغذاء والدواء وقليلة هي الهيئات التي تجاوبت معنا وما زلنا نواصل، ولا نحب أن نتوقف، ونرجو أن نظل في حركية مستمرة من أجل تحقيق هذا الهدف والسعي وراءه و هو يحتاج إلى تضافر الجهود كما يحتاج في الأول والأخير إلى أن المستهلك البسيط والمستهلك التاجر والمستهلك الموظف والمستهلك الطالب يقتنع بضرورة توفير حقوقه البسيطة التي تكفلها له المدونات العالمية، من هيئة الأمم المتحدة والتي وقعت عليها الدول الأعضاء في الهيئة ،ومن بينها موريتانيا ،وهي حقوق وليست هبة، فمن حق المواطن أن يكون له غذاء سليم ودواء.
موقع الفكر: من تحملون مسؤولية تعثر هذا الملف وما الإجراءات المتخذة لتحريكه وللنهوض بحقوق المستهلك الموريتاني بشكل عام
العمة الحسن مولاي اعلي: كما قلت سابقا آمل ألا يكون الملف قد تعثر وأن يكون ما يزال واقفا على قدميه، والمسؤولية إن وجدت فهي مسؤولية مشتركة، ودعني لا أقول إنها مسؤولية وعي، لأني مقتنعة أن المستهلك الموريتاني لديه الوعي الكافي، وثبت ذلك في مجالات أخرى وللأسف فإن قضية سلامة الغذاء والدواء رغم إلحاحها ومكانتها لما يتم التحرك فيها بعد، ومع ذلك فإن المستهلك الموريتاني يمتلك من الوعي ما يجعله لا يترك الملف على حاله، وكما هو معروف فإن معايير سبل العيش الكريم والإجراءات المترتبة على ذلك في الهيئات الرسمية لم تكن أبدا قرارا رسميا والقرار الرسمي يأتي تحصيل حاصل لمطلب مجتمعي مسبق، ويجب أن يفهم المستهلك الموريتاني أن ذلك المطلب المجتمعي تجاوز وقته؛ ولذلك يجب أن يكون المستهلك هو من يطالب بوجود هيئة عليا لسلامة الغذاء والدواء ،ولا يقبل بأقل من ذلك، والمسؤولية الأخرى ربما تكون ناتجة عن عدم التجاوب الذي كان مؤملا من القطاعات المعنية، وفي هذا الإطار نعود فنطالب من الهيئات المعنية التي وصلتها منا رسائل سابقة من جمعية منتدى جمعية المستهلك الموريتاني في إطار التشاور حول إنشاء وكالة أو هيئة عليا لسلامة الغذاء والدواء ،أن تتفاعل معنا لكي يأخذ الأمر الطريق السليم.
موقع الفكر: هل تتوفر بلادنا اليوم على هيئات (مختبرات مصالح) قادرة على تقييم جودة منتج غذائي او دوائي ؟ وهل يتم ذلك قبل طرح هذه المنتجات في السوق؟
العمة الحسن مولاي اعلي: كما سبق وأن أسلفت في الإجابة الأولى من الظلم الحديث عن عدم وجود هيئات، ولكن كما قلت سابقا يشوبها خلل مشين وهو تداخل الصلاحيات وتضارب المصالح ،ولتوضيح ذلك نفترض وصول شحنة مواد غذائية إلى ميناء نواكشوط، فالمفروض إجراء تفتيش صحي على هذه المواد الغذائية والدوائية فمن هو المسؤول عن هذا التفتيش الصحي؟! المسؤول أربع هيئات في وزارات مختلفة وبعض منها يتبع لنفس الوزارة ولديها نفس الإطار القانوني الذي تعمل فيه الأخرى، وهو ما يؤدي إلى تداخل الصلاحيات بين هذه الهيئات ولكن لنفترض جدلا أن هناك هيئة واحدة لديها الصلاحيات القانونية فماذا عساها تفعل؟ هل لديها المعدات اللازمة والخبرات المطلوبة ولا يكفي أن يكون المنتج يحمل معلومات تفيد بدرجة الحرارة، فالدولة أو الهيئة الرسمية شأنها أن تحمي سلامة المستهلك في أرضها، وللأسف الشديد يتم في موريتانيا تقزيم قضية الدواء والغذاء، في قضية تاريخ الصلاحية وليس هذا تقزيما لمسألة تاريخ الصلاحية ولكنه يأتي في ذيل لائحة طويلة تبدأ أولا بمنشأ الغذاء والدواء (الدولة والمصنع) فهناك بعض الماركات ،خاصة في الألبان المستعملة في موريتانيا منذ أربعين عاما ولم يعثر لها على أثر في بلدان المنشأ التي قيل إنها تستورد منها، وللأسف الشديد لهذا المجال خصوصيته والمسألة الثانية: هي سلسلة الغذاء من استقبال المواد الأولية المنتج منها الغذاء حتى يخرج المنتج في سلسلته النهائية، فهنالك الكثير من الإجراءات في كل مرحلة من مراحل التصنيع يجب أن نعرفها ،وهذا يعطيني مدى مطابقة المصنع مع الإجراءات الدولية وهو ما شأنه إعطاء فكرة عن حجم التلوث المكروبي في المنتج، وحجم التلوث الكيمائي ،وهل هو فوق الحجم المقبول أو تحته حجم التلوث الفيزيائي، حتى بالنسبة للدول الإسلامية التي تستجلب غذاءها من دول غير إسلامية هنالك إجراء آخر وهو الغذاء من أصل حلال، وهل يقوم المصنع بتذكية الدجاج أو الحيوانات التي تنتج منها اللحوم الحمراء، وهذا مطلب مجتمعي لدى الشعوب الإسلامية ويجب أن يوضع تحته كثير من الخطوط وكذلك فيما يتعلق بنقل المواد الغذائية ففي البواخر والحاويات التي تنقل المواد الغذائية ينبغي أن تكون هناك أجهزة تعطينا فكرة عن درجة الحرارة أثناء الرحلة ،وتعطينا تواريخ الخلل في درجة الحرارة والانقطاعات التي تقع ومتى خرجت عن المعتاد، ويجب أن يكون هناك مجموعة من الفنيين قادرين على القيام بكل هذه الإجراءات وقراءة هذه المعطيات، كما أن هنالك مسألة اللائحة السوداء فما من دولة إلا ولها لائحة سوداء، ممثلة في مجموعة من المنتجات التي لا تسمح بدخولها، لأن هناك بعض المنتجات المسرطنة ولها أرقام دولية معروفة، ولا توجد في موريتانيا مثل هذه اللوائح السوداء ،وهنالك أربعة مصانع للألبان إذا سألت العاملين وكانوا صادقين مع أنفسهم ومعك عن آخر بعثة تفتيش وصلتهم فسيخبرونك أنهم لم تزرهم أية بعثة تفتيش، ولا بد من أن يكون الشخص مكونا على المجال، ولا بد من وجود مفتشية للصحة ،والأوراق والإجراءات الإدارية في هذا المجال لا معنى لها، وهي تعطى دليلا على حدوث الأمر ولكنها لا تدخل في السلامة الداخلية، وحتى الأوراق التي يرسلها المصنع فحتى لو فرضنا جدلا صدقه ،فإننا ينبغي أن نتخذ نحن الإجراءات الخاصة بنا ،وحتى إن بعض البضاعة التي ترفضها دول مثل المغرب وتونس ،تأتي إلى موريتانيا فتفرغ فيها .
والحل هو في وجود هيئة عليا لسلامة الغذاء والدواء، ولا بد من المطالبة بها ،لأن أية هيئة أخرى لا تفي بالغرض لكي لا يكون المسير لهذه الهيئة تحت أي ضغط.
موقع الفكر: كيف يمكن للمستهلك الموريتاني تقويم أداء الجهات الرسمية في موريتانيا؟
العمة الحسن مولاي أعلي: لا وجود للتفتيش في مصانع الألبان ودائما ما يلقي الموريتانيون بالمسؤولية على مسألة تغيير العقليات، والموريتانيون غيروا عقلياتهم في مجال المعايير الصحية، فلدى موريتانيا مختبر وطني وهو المكتب الوطني للتفتيش في منتجات السمك، وهذا المختبر أنشئ ليراقب منتجات البحر، لأن المستهلك الذي توجه إليه المنتجات السمكية مستهلك واع، قام بالضغط على المسؤولين في بلاده لتضمن له سلامة ما يستورد له من الأغذية، وكانوا يقولون لهم " أوجدوا لنا غذاء صحيا" ،وعمل هذا المكتب أثبت جدارته كي لا تتضرر صحة المستهلك الأجنبي ،ولذلك أرجو أن تكون الصورة اتضحت، وفيما يتعلق بسؤالكم يمكن للمستهلك أن يقيم أي شيء ،سواء فيما يتعلق بأداء الهيئات الرسمية، من خلال الوعي بحقوقه وواجباته، وإذا لم يكن يعرف حقوقه الثمانية، فيمكن أن يمارس عليه من شاء ما شاء.
فمن واجباتي ثقافة الرفض، فمن واجبي أني إذا ما رأيت أن منتجا ما زاد سعره أو أنه لا يصلح، فمن واجبي أن أرفضه، وأرسله إلى مجموعات الناس الذين أتعامل معهم ، وأطالبهم بمقاطعته والمسألة مسألة ميزان، ومن الملائم والأسلم أن يكون الميزان معتدلا ،ولكن من المجحف أن تكون كفة التاجر هي الكفة الراجحة.
موقع الفكر: هل تتناسب تسعرة الخدمات في موريتانيا مع جودتها وكيف للمستهلك الموريتاني ان يحمي نفسه في ظل المضاربات التجارية والغش الصناعي والخدمي؟
العمة الحسن مولاي أعلي: هذا السؤال مهم جدا لأنه من المؤسف أن المستهلك الموريتاني يعيش يوميا خيبات أمل في حياته اليومية ،ولنأخذ أمثلة واقعية من مستخدمي شركات الاتصال ،كم مرة خانتك ساعة الاتصال، دون أن تتوقع ذلك ،ومن حق المستهلك أن يسأل عن هذا النوع من الأمور، وهناك سلطة مسؤولة عن حماية المستهلك من جشع الشركات ،فيجب أن يكون هناك مراقبون يدققون في طريقة الدقائق والساعات التي تعتمدها الشركة، وإذا لم تكن الساعة ستين دقيقة فهذا تطفيف، كما لو أني اشتريت 1كلغ. فوجدته سبع مائة غرام. ولنعد إلى الجانب الصحي فكم منا طلب الطبيب منه على سبيل المثال إجراء فحص لمعرفة نسبة السكري في الدم ،فكانت النتيجة صادمة فطلب منه الذهاب إلى مختبر آخر وثالث.. وبعض الناس يأخذ النتيجة ويقسمها على ثلاث وهذا لعب على العقول فأنا ما لجأت إلى المختبر إلا لأجد نتائج دقيقة ،وهذه القضايا يضبطها مجال يسمى مجال الاعتماد ،ولا بد أن تكون نسبة الخطأ فيها نسبة قليلة جدا أو منعدمة، والمختبر الوطني للأسماك تم اعتماده لدقته ،وأنا لا أتحدث عن الاعتماد الرسمي وإنما أتحدث عن الاعتماد الفني، واعتماد المختبر وهو أن تأتي هيئة دولية أو هيئة محلية قيمت مسبقا ،وتم التأكد من قدرتها على القيام بهذا العمل ،وطريقة التحليل المستخدمة والمعايير المتبعة ،وتعطي معدلا معينا وعلى أساسه تمنح الاعتماد ،وأكثر ما يزعجني هو أن يحدثني أحد المرضى أن الطبيب طلب منه الذهاب إلى المختبر الفلاني لإجراء فحوصات، فينبغي أن يكون المعيار الوحيد هو الاعتماد ،وإذا لم يكن في بلدي مختبر معتمد فلا مجال لحديثك عن ذهابي إلى مختبر معين ،لأنك إما أن تكون مساهما فيه أو على علاقة بملاكه، وتحب أن يحصلوا على أموال مني وهذا لا معنى له، أضف إلى ذلك أن المستهلك لا يرفض؛ وثقافة الرفض لها مفعول سحري، فقد أصبح للمستهلك نوافذ يطل منها على المجتمع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ،والقضية تحتاج وعيا وتحتاج تربية ثقافة الرفض، وتحتاج في الدرجة الأولى الوعي بالحقوق والواجبات.
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
العمة الحسن مولاي أعلي: منتدى المستهلك الموريتاني من خلال لجنته العلمية يحمل هم المستهلك الموريتاني، وليس بنا ملل ونحن متطوعون ونحب أن نعمل شيئا، ونحتاج العون من المستهلك نفسه، وأن يحس بالمشاكل التي كنا نتحدث عنها ويضعها في صميم اهتمامه، ونحتاج إلى العون من صناع الرأي كي يقوموا بدورهم فيما يتعلق بحماية المستهلك، وفيما يتعلق بثقافة الرفض لدى المستهلك، كما أننا نحتاج إلى العون من صناع القرار ليكثفوا الجهود من أجل إنشاء قاعدة تمكن المستهلك من العيش الكريم في بلده.